تخطي إلى المحتوى الرئيسي
فرنسا

سياسات إيمانويل ماكرون تتبلور نظريا بعد مئة يوم في الحكم

في حديث مطول لأسبوعية "لوبوان" الفرنسية، كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن الخطوط العريضة المتعلقة بسياساته التي وعد بتطبيقها عندما يصل للسلطة. فقال ماكرون إنه "يتبنى خطاب الحقيقة والبراغماتية" لمخاطبة زعماء العالم، كما تطرق لموضوع مكافحة الإرهاب كأهمية قصوى في سلم أولوياته، والإصلاحات الاقتصادية التي يعتزم إجراءها على كافة الأصعدة.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أ ف ب / أرشيف
إعلان

مئة يوم هي المهلة الممنوحة عادة لأي رئيس جمهورية منتخب لبلورة سياساته وطرحها على المواطنين، والبدء بورشة العمل وفقا للوعود التي تعهد بها خلال حملته الانتخابية.

هذه حال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد صيف صعب شهد تراجعا كبيرا لشعبيته، بحسب الاستطلاع الذي أجراه المعهد الفرنسي للرأي العام (إيفوب) ونشرت نتائجه صحيفة لوجورنال دو ديمانش في 27 آب/أغسطس 2017.

وبعد انتهاء العطلة الصيفية، استهل ماكرون الأسبوع باجتماع مع أعضاء حكومة إدوار فيليب لضمان تماسك الفريق الحكومي قبل البدء بتطبيق أولى الإصلاحات الكبرى وأشدها صعوبة لولايته.

وبحسب بيان للإليزيه نشر الاثنين فإن هذا الاجتماع تناول ثلاثة محاور كبرى: "الإصلاحات الهيكلية التي تمت مباشرتها (قانون العمل ونظام التقاعد ومساعدات البطالة)، والخيارات بالنسبة للميزانية من أجل ترميم قدرة فرنسا الاستثمارية، واستعراض خارطة العمل لكل من الوزارات خلال الولاية الرئاسية".

وهذه الورشة الكبرى التي تسبق الإصلاح المرتقب لإعانات البطالة ونظام التقاعد والنظام الضريبي، هي المحطة الأولى من "تجديد للنموذج الاجتماعي" وعد به الرئيس الذي انتخب في 7 أيار/مايو في بلد وصفه بنفسه بأنه "غير قابل للإصلاح".

وكشف ماكرون الثلاثاء في قمة سفراء فرنسا عن المحاور الثلاثة الرئيسية التي ستقوم عليها الدبلوماسية خلال عهده: "الأمن، الاستقلال، ونفوذ فرنسا في الخارج". كما قال ماكرون إن محاربة "إرهاب الجماعات الإسلامية المتطرفة" ستكون أولوية هذه الدبلوماسية.

وفي حديث مطول لأسبوعية "لوبوان"، فند ماكرون تصوره لجميع السياسات التي ينوي تطبيقها على الصعيد المحلي والدولي. وقال الرئيس الفرنسي إن الهدف هو تحقيق "تحول عميق وطموح"، مضيفا أنه يتبنى "خطاب الحقيقة والبراغماتية" لمخاطبة نظرائه الأجانب، مشيرا إلى أنه يتطرق معهم إلى المواضيع كافة، ومن بينها المواضيع التي "تثير الغضب".

وفي أولى مقابلاته تحت عنوان "نفاذ صبر المواطنين"، اعترف ماكرون بصعوبة المهمة، إلا أنه أوضح أن المحاسبة يجب أن تأتي على قدر الجهود المبذولة، مع الأخذ بعين الاعتبار الوقت المطلوب لإدخال إصلاحات تعتبر جذرية. ويقول ماكرون إن "الهدف ليس الإصلاح من أجل الإصلاح"، بل إدخال وسائل وأدوات من أجل التوصل إلى شيء آخر: "تحرير الطاقات".

وتعتبر المقابلة ابتعادا عن إستراتيجية "الندرة في الكلام" التي اعتمدها بعد انتخابه.

اختبار المئة يوم

بالنسبة إلى إيمانويل ماكرون، من غير المحبذ اعتبار المئة يوم الأولى المهلة المحددة للحكم على الشخص ومحاسبته. فيقول ماكرون "عندما يأتي أحدهم إلى السلطة، لا ينجز الأمور خلال مئة يوم". ويضيف بنوع من التهكم "أو أننا أصبحنا البلد الوحيد في العالم الذي يعيش حملة رئاسية لمدة عامين من أجل الحكم لثلاثة أشهر فقط".

وردا على رغبته في الحكم على المدى الطويل، قال إنه يدرك جيدا توقعات الشعب الفرنسي، مضيفا أنه "سيتعين علي أن أتعايش مع فكرة نفاذ صبر المواطنين" وإكمال عمله دون تردد.

البطولة باعتبارها ترياقا للإرهاب

في موضوع الإرهاب، قال ماكرون إن "مجتمعنا بحاجة للروايات الجماعية، والأحلام والبطولات كي لا يجد أحدا ملاذا في التعصب أو بغريزة الموت". ويتأسف ماكرون لأن فرنسا لم تعد تصنع الأبطال، وبالنسبة إليه، فإن جزءا كبيرا من "شباب الضواحي" يغادر إلى سوريا بسبب "أشرطة الفيديو التي يتم عرضها على الإنترنت والتي حولت الإرهابيين في عيونهم إلى إبطال". ويحمل ماكرون الدولة مسؤولية إعادة الاستثمار وإعادة تكوين فكرة "الفتح"، ويقول "علينا أن نكون بلدا فخورا مرة أخرى".

إصلاح قانون العمل "لتحرير الطاقات"

أكد ماكرون أن إصلاح قانون العمل هو "إصلاح من أجل تحول في العمق"، مضيفا:" يجب أن يكون طموحا وفعالا بما فيه الكفاية بهدف مواصلة خفض معدلات البطالة، وأن يتيح عدم العودة إلى هذا الملف"، خلال فترة رئاسته.

وأشار ماكرون إلى أنه لا يبحث عن جعل الأمور "أكثر بساطة، بل أكثر فاعلية"، حتى وإن لاقى هذا بعض الانتقادات.

ويضيف ماكرون أن جوهر الإصلاحات هو فكرة "تحرير الطاقات" مما سيؤدي للـ"استغناء" عن الدولة "المكبلة بقوانين وإجراءات كثيرة وقديمة"، كما تهدف إلى منح الشركات المزيد من المرونة من أجل تشجيعها على التوظيف.

ويدعو إلى إجراء "إصلاح بعيد المدى"، مكررا الحجة التي أدلى بها خلال جولته الأوروبية: "نحن الاقتصاد الرئيسي الوحيد داخل الاتحاد الأوروبي الذي لم يتغلب على البطالة الجماعية منذ أكثر من ثلاثة عقود".

لا تلعب دور الرجل الخارق ولا تكون في الأخبار كل يوم

خلال حملته الرئاسية وضع إيمانويل ماكرون مفهومه لسلطة "جوبيتر". و"جوبيتر" هو ملك الآلهة الرومانية وإله السماء والبرق في الميثولوجيا الرومانية، هو راعي وعراب روما، وكان يقر القوانين ويضمن العدالة والنظام الاجتماعي.

ويقول ماكرون "لم أر نفسي يوما كجوبيتر"، ومن المهم أن نحاول إعادة صياغة مفهوم الرئيس للصحافيين كي يتوقفوا عن رؤيته كمجرد "فاعل في الحياة السياسية" إنما "حجر الزاوية" لها.

وأشار ماكرون إلى أنه مارس مهامه الرئاسية منذ اليوم الأول، كونه قال كل شيء وبوضوح للفرنسيين خصوصا فيما خص الإصلاحات التي يعتزم القيام بها.

الأزمة مع الجيش: "لا أسف"

أكد ماكرون أنه "لم يأسف" لما حصل مع الجيش وقائد أركانه في تموز/يوليو الماضي، مقللا من أهمية الموضوع بوصفه "عاصفة في كوب من الماء"، مشيرا إلى أن المواطنين قد فقدوا الشعور بجوهر الجمهورية الخامسة وما تهدف إليه، فبرأيه "الجيوش لا تتصرف على هواها وهي ليست ذاتية الدفع".

أوروبا "رائدة العالم الحر"

على الصعيد الدولي، يريد إيمانويل ماكرون إعادة بناء "أوروبا قادرة على حماية" سياساتها التجارية والدفاعية على السواء، ليتم مقارنة قوتها بالولايات المتحدة الأمريكية والصين وتصبح "رائدة العالم الحر".

كما يريد إقناع دول منطقة اليورو بأن تكون لها ميزانية مشتركة تمثل "عدة نقاط من الناتج المحلي الإجمالي"، لكي تتمكن من الاقتراض والاستثمار على نطاق واسع في القارة. ولا يتردد ماكرون في شجب الدول مثل بولندا، التي وفقا له "تقوض المبادئ الأساسية" للاتحاد. ويضيف "أن فرنسا لا ينبغي أن تكون قوة متوسطة كبيرة بل قوة عظمى".

وقال الأستاذ في مركز الأبحاث الدولية في معهد الدراسات السياسية في باريس كريستيان لوكين لوكالة الأنباء الفرنسية إن أبعاد هذا "المشروع لا تقتصر على الصعيد الوطني، لأن ماكرون يجسد أملا لجميع الذين ينتظرون إصلاحا في فرنسا، وخصوصا ألمانيا". وأضاف لوكين أن "الزعامة التي يمكن ممارستها على الساحة الدولية أو الأوروبية العابرة للحدود الوطنية، تتوقف بشكل متزايد على القدرة على قيادة البلاد بصورة جيدة".

بوتين، ترامب ... وأردوغان

أكد ماكرون أنه "يتحدث إلى الجميع بطريقة مباشرة وصريحة جدا، فيما جرت العادة ألا يتم الحديث عن المواضيع التي تثير الغضب"، متبنيا "خطاب الحقيقة والبراغماتية" لمخاطبة نظرائه.

وقال ماكرون إنه يتطرق مع نظرائه، وبينهم الأمريكي دونالد ترامب، إلى المسائل الأكثر صعوبة "على انفراد" قبل أن يقوم "بالتطرق إليها بشكل علني". وأوضح أنه "يحاول التعرف إلى الخلافات المطلقة وإلى نقاط التقارب، وإلى السبل التي يمكن أن نجد من خلالها طريقا مشتركا".

وتحدث الرئيس الفرنسي عن وجود "خلاف مطلق" مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين حول أوكرانيا، لكنه أشار إلى أن البلدين "فتحا رغم كل شيء حوارا بين المجتمعات المدنية".

وحينما سئل عما إذا كان يحاول أن يكون الشاب "الهادئ" الجديد على الساحة العالمية، أجاب ماكرون :"الساحة العالمية ليست ساحة ’هادئة‘ كما تعرفون".

وعندما طلب منه أن يقدم مثالا قال :"أنا الشخص الذي يضطر للتحدث مع أردوغان كل أسبوع" ولم يذكر أي تفاصيل.

بشار الحلبي

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

مشاركة :
الصفحة غير متوفرة

المحتوى الذي تريدون تصفحه لم يعد في الخدمة أو غير متوفر حاليا.