تخطي إلى المحتوى الرئيسي
فرنسا - ثقافة

كومبو: فنان شوارع ثائر موهوب من جنسية فرنسية وأصول عربية

يستضيف معهد العالم العربي في باريس لغاية 6 آذار/مارس 2016 معرض رسوم لفنان الشوارع الفرنسي كومبو، تحت شعار "التعايش". وكان هذا الفنان، وهو من أب لبناني وأم مغربية، تعرض للضرب في مطلع 2015 بسبب "لحية وجلابة" رسمهما على لوحة تدعو للتعايش السلمي غداة الاعتداء على صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة.

الفنان على صفحته "فيس بوك". 2016/01/12
الفنان على صفحته "فيس بوك". 2016/01/12 صفحة كومبو في موقع "فيس بوك".
إعلان

تصور رجلا فرنسيا من أب لبناني مسيحي وأم مغربية مسلمة، يجول العالم مسلحا بـ "قنبلة" ( بخّاخ الألوان ) لأجل "الاستفزاز" و"الابتسام" (ويسمى بخاخ الألوان أو الطلاء بالفرنسية  "قنبلة" bombe). رجل ملتحي يرتدي جلابة (جلباب مغربي) ويطلق على نفسه أسماء محمد وميشال وموشي.

تصور فنان شوارع يهوى "اختراق الخطوط الحمراء" ويحول الحروف الأبجدية في لوحاته إلى رموز دينية: الـهاء لهلال الإسلام والنون لنجمة داود اليهودية والصاد لصليب (الديانة) المسيحية.

رجل ملتحي مدجج بـ "قنابل" الطلاء ولفة من ورق الجدران
هذا الرجل، وهذا الفنان، اسمه كومبو. التقيناه بمعهد العالم العربي في باريس حيث يعرض لوحات ورسومات تحت شعار "التعايش"، بين الأشخاص والأديان. ويستمر المعرض لغاية 6 آذار/مارس المقبل.

وفي نضاله من أجل التعايش السلمي، يتسلح كومبو (29 عاما) بقنابل الطلاء لرسوم الكرتون ولفة من ورق الجدران. كما أنه متسلح بموهبة الرسم وخصوبة الفكر والمخيلة التي تدفعه لتخطي "الحدود" المتفق عليها بسلاسة نادرة. ويقر الفنان بأن الهدف من وراء أعماله هو "إثارة الانتباه والابتسام في الوقت ذاته".

ولكن ردة فعل البعض تجاه عمله كانت عنيفة غداة الهجوم على صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة في 7 يناير/كانون الثاني 2015 عندما اعتدى عليه أربعة أشخاص في حي "بورت دوري" في باريس.

"إثارة الانتباه والابتسام في الوقت ذاته"
ويتحدث كومبو عن الحادث ببرود المصمم على مواصلة درب النضال والفن. وقال: "لقد تعرضت للضرب لأني رسمت لوحة تدعو للتعايش، وفي الوقت نفسه أظهر فيها بهيئة رجل ملتحي يرتدي جلابة. فمن اعتدوا عليه تهجموا في الحقيقة على من اعتقدوا أنه مسلم".

لكن المعتدين أساءوا التقدير، لأن كومبو لا يقدم نفسه كـ "مسلم" ولكن بصفته "شخصا" (بمعنى إنسان)، بل فرنسيا يفتخر بانتمائه لبلاد ولد فيها وترعرع في شوارعها ومدنها. وقد ولد الفنان في 1987 بمدينة أميان شمال فرنسا. ورغم أن والده لبناني مسيحي وأمه مغربية مسلمة، فهو يعتبر نفسه "فرنسيا، لا غير".

رسومات ولوحات وملصقات منشورة على صفحة الفنان كومبو في موقع "فيس بوك".

وبدأ الشاب بممارسة فن الغرافيتي في جنوب فرنسا عندما كان في سن السادسة عشر، قبل أن ينضم في 2005 إلى مدرسة الفنون الجميلة الشهيرة "فيلا أرسون" بمدينة نيس (جنوب شرق). وتخرج منها كومبو في 2010 بشهادة في فن الرسم، لينطلق في حياة مهنية قادته إلى بعض المؤسسات العريقة على غرار "بيجو" (تصميم سيارات) وكنال+ (إعلام). ولكن كومبو سرعان ما "تمرد" ليفتح سجلا جديدا في حياته: فن الشوارع.

فراح الشاب الموهوب ينتقل من منطقة إلى أخرى، من هونك كونغ إلى تشيرنوبيل الأوكرانية، من بيروت إلى تل أبيب، من تونس إلى جنيف، والغاية واحدة: التنديد والاحتجاج وإثارة الانتباه والتفاعل. فيقول: "بفضل تعدد هويتي، أتجرأ على الاستفزاز لكن دون نية الإساءة". والحقيقة أنه في بعض الأحيان، يتعرض للشتم لاعتباره "مسلما، وحتى مسلما متشددا بسبب اللحية والمظهر".

شلوم عليكم!
ويقر كومبو بأن فرنسا "فيما تقوله في الوقت الراهن، عنصرية"، مضيفا أنه تعرض لتهجم لفظي في بعض الأحيان خلال معارضه المختلفة. وهذا لم يمنعه في المضي قدما على طريق "التعايش"، من جهة، و"كسر التابوهات" والأفكار المسبقة من جهة أخرى. وفي حين "يشهر" أصوله العربية أكثر فأكثر، أنشأ شخصيتين أخريين لمرافقة من يسميه "محمد"، وهما ميشال" و"موشي". والنتيجة أن التحية المتداولة بين الأصدقاء الثلاثة هي "شلوم عليكم"! (معوضا في عبارة "السلام عليكم" كلمة "السلام" العربية بمرادفها بالعبرية "شلوم") كل ذلك لأجل "التعايش" السلمي.

ويقول كومبو إن الاعتداء الذي تعرض له قبل عام في باريس منحه قوة ونفسا في حياته اليومية كما الفنية، مشددا على أنه يبقى "دائما وأبدا فرنسيا، مفتخرا بعروبته". أما بالنسبة إلى لبنان والمغرب، فيشير إلى أنهما ليسا بلداه، وإنما وطنه "فرنسا". 

علاوة مزياني
 

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

مشاركة :
الصفحة غير متوفرة

المحتوى الذي تريدون تصفحه لم يعد في الخدمة أو غير متوفر حاليا.